سائق الشاحنة والجن المسلم


في أعماق الصحراء القاحلة وبين رحلاته التي لا تخلو من المغامرات، واجه عبد الصبور لقاءً غريبًا ومثيرًا قلب حياته رأسًا على عقب. كانت أحداث تلك الليلة تتأرجح بين الرعب والغموض.
اسمي عبد الصبور، أبلغ من العمر 40 سنةمن سكان إحدى الدول العربية. متزوج وأب لطفلين، أعمل سائق شاحنة لنقل الخضر والفواكه من بلد إلى آخر، خصوصًا في الدول الإفريقية. قبل أربع سنوات، كنت أقود الشاحنة المحملة بالفواكه متجهًا نحو إحدى الدول الإفريقية. أمضيت أيامًا وليالٍ في الطريق والقيادة، أعبر الصحاري والقفار. بعد تجاوز إحدى المدن الكبرى، وجدت نفسي وسط الصحراء. كان الجو يميل إلى البرودة في شهر مارس، والصحراء القاحلة تحيط بي من كل جانب.
وصلت إلى باحة استراحة ومحطة بنزين بعد ساعات من القيادة، فتوقفت هناك كي أصلي وأتناول الغداء ثم أكمل طريقي. كنت معتادًا على الوقوف في تلك المحطة وأعرف كل العاملين فيها. بعد صلاة الظهر في المسجد الصغير، جلست في المطعم البسيط لأتناول غدائي. لاحظت ثلاثة رجال يجلسون خارج المكان، يختلسون النظر إلي بين الفينة والأخرى. لم أرتح لنظراتهم وحركاتهم، فأنهيت طعامي بسرعة وركبت الشاحنة وغادرت المحطة.
ما هي إلا دقائق حتى رأيت في المرآة سيارة سوداء اللون تتبعني وظلت كذلك لأكثر من ساعة. شعرت بالخوف، خاصة عندما اقتربت السيارة وصارت خلفي مباشرة. ثم تحركت بجانبي وظهر الرجال الثلاثة الذين رأيتهم في المحطة. أشار أحدهم لي بالتوقف، وكان الآخر يحمل مسدسًا. حاولت الإسراع دون الالتفات إليهم، فأنا لدي أسرة تنتظرني ولا أريد أن أخسر حياتي.
لحسن الحظ، وصلت إلى محطة استراحة أخرى، حيث شعرت ببعض الأمان. بقيت هناك ولم أرَ السيارة السوداء. بعد أن هدأت، أكملت طريقي، ولكن سرعان ما عادت السيارة لتظهر خلفي مرة أخرى. فكرت في التوقف والركض بعيدًا، وبالفعل توقفت في منطقة خالية، أغلقت الشاحنة وركضت نحو الظلام. بينما كنت أهرب، ظهرت قرية بأضواء خافتة على سفح أحد التلال. وصلت إلى بيت قديم ومهجور، سمعت صوت طفل يبكي فيه. طرقت الباب ففتح لي رجل غريب، أسمر البشرة، بملامح غير مألوفة.
دعاني الرجل للدخول، وأخبرني أنني في أمان. لكن مع مرور الوقت، بدأت ألاحظ أشياء غريبة. الرجل اعترف بأنه من الجن المسلم، فشعرت برعب شديد. حاول طمأنتي بأنهم لا يضمرون لي الشر، لكنني هربت من المكان في النهاية.
بعد ذلك، عدت إلى الشاحنة لأجدها كما تركتها تقريبًا. أخبرت الشرطة بما حدث مع قطاع الطرق، لكنهم لم يصدقوا قصة الجن. أكملت رحلتي، لكن كلما مررت بجانب تلك القرية، كنت أشعر بشيء غريب وكأن أحدًا يراقبني.
في يوم من الأيام، ظهر لي ذلك الجني مرة أخرى واعتذر لي عن إخافتي. أخبرني أنه مسلم ولا يريد إيذائي. استمرت لقاءاتنا لعدة مرات، لكنها كانت تنتهي دائمًا بطلب مني أن يختفي من حياتي. وفي النهاية، توقف عن الظهور لي تمامًا.