أنا أحمد، شاب في أوائل عمري، أعيش في حي قديم من أحياء القاهرة. منزلي مكون من طابقين، لكنه يحمل قصة غريبة ورهيبة لم أكن أتخيل أن أكتشفها يومًا. كانت الحياة هنا هادئة وكأن الزمن قد توقف، لكن كل شيء تغير في ليلة عاصفة.في تلك الليلة، كنت أستعد للنوم بعد يوم طويل من العمل، فجأة سمعت صوتًا خافتًا يأتي من تحت الأرض، كأنه همسات أو أنين يختلط مع صرخات الرياح. حاولت تجاهل الصوت، لكن الفضول بدأ يستحوذ عليّ. بعد لحظات من التفكير، قررت أن أكتشف مصدر الصوت. سلّمت على عائلتي وبدأت أنزل إلى الطابق السفلي، حيث كانت هناك غرفة مهجورة لم أفتحها منذ سنوات.كلما اقتربت من الباب، كانت الهمسات تزداد وضوحًا. فتحت الباب ببطء، فإذا بي أرى سلمًا يؤدي إلى قبو مظلم. كان المكان كئيبًا والجو يعبق برائحة عفن قديم. مع كل خطوة كنت أنزلها، شعرت بشيء غريب يراقبني، لكنني لم أستطع التراجع. كان الفضول يدفعني إلى الأمام.في القبو، اكتشفت أشياء قديمة: تماثيل، صور لأشخاص مطمورة في الغبار، وبعض الكتب التي يبدو أنها تعود لقرون مضت. لكن ما أثار رعبي هو وجود تابوت قديم في الزاوية، مغطى بالغبار. عندما اقتربت منه، شعرت بقشعريرة تسري في جسدي. بدافع من الشجاعة، لمست التابوت بيدي، فإذا بأصوات تتعالى في رأسي: “اخرج! اخرج قبل فوات الأوان!”.تراجعت للخلف، لكنني كنت محاصرًا بين الخوف والفضول. فجأة، فتح التابوت ببطء، وشيء ما بداخله كان يستعد للخروج. كان هناك وجه شاحب يظهر من الداخل، عيناه تلمعان في الظلام. ركضت للخارج، شعور الرعب يسيطر على قلبي. لكنني كنت أعلم أنني بحاجة للعودة. شعرت أن هناك شيئًا غامضًا يربطني بهذا المكان.استغرقت بعض الوقت لاستعادة شجاعتي، وقررت أن أبحث في تاريخ منزلي. في المكتبة، اكتشفت أن المكان الذي أقف عليه كان في السابق مقبرة قديمة تعرضت للإهمال بعد بناء المنازل عليها. وكلما تعمقت في البحث، زادت الألغاز حول الروح التي تسكن في القبر. هل كانت تلك الروح حبيسة أم تبحث عن شيء ما؟قضيت أيامًا في التفكير، وفي كل ليلة، كنت أسمع الهمسات تعود إليّ وكأنها تدعوني للعودة إلى القبو. انطلقت في رحلة لفهم ما يجري، لكن الغموض لم يكن في تاريخ المكان فقط، بل في الماضي الشخصي لأفراد عائلتي. اكتشفت أن عائلة أخرى عاشت هنا قبلنا، وكان أفرادها يختفون واحدًا تلو الآخر، وتاريخهم ضاع في طيات الزمن.هل أستطيع حل هذا اللغز أم سأكون الضحية التالية؟ كلما تقدمت في القصة، أدركت أن الحقيقة قد تكون أفظع مما تصورت. كانت الرحلة مليئة بالأحداث المرعبة التي لا تُنسى، وستظل تداعياتها معي إلى الأبد.في تلك الليلة، لم أستطع النوم. كانت الهمسات تتردد في رأسي وكأنها دعوة للعودة إلى القبو. وبينما كنت مستلقيًا في سريري، تذكرت أنني لم أستكشف الكتب التي وجدتها في القبو. شعرت بأن تلك الكتب تحمل الإجابة.في الصباح، قررت أن أعود إلى القبو. كنت أشعر برغبة ملحة في اكتشاف المزيد. تناولت فنجان قهوتي، ثم انطلقت نحو السلم المؤدي إلى القبو. كان المكان مظلمًا أكثر من ذي قبل، لكنني كنت عازمًا على المضي قدمًا.بمجرد دخولي، تذكرت اللحظة التي فتحت فيها التابوت. كان قلبي ينبض بشدة، لكنني تمالكت نفسي وبدأت أبحث بين الكتبفتحت أحد الكتب ووجدت أنه يحتوي على طقوس قديمة وذكر أسماء أرواح لم أسمع بها من قبل. كان هناك شيء غريب يتعلق بالروح التي شعرت بها في القبر. أثناء قراءتي، كان هناك ذكر لمكان يسمى “بوابة الموت”، حيث يُعتقد أن الأرواح تُحبس إلى الأبد. قشعريرة مرت في جسدي وأنا أتخيل كيف أن هذا المكان قد يكون بمثابة بوابة لذلك. كيف لي أن أكون هنا، في هذا المكان الغريب، بينما تُحبس أرواح تحت قدمي؟قررت أن أبحث عن المزيد. اتصلت ببعض أصدقائي الذين كانوا مهتمين بالظواهر الغامضة. في ذلك المساء، جاءوا إلى منزلي. كانت المجموعة تتكون من خمسة أشخاص: سارة، عماد، مريم، رفيق، وفاطمة. “هل أنتم مستعدون للمغامرة؟” سألتهم. كانوا متحمسين، لكن القلق كان واضحًا في أعينهم. بعد أن أخبرتهم بما وجدت، بدأنا نبحث عن طرق للتواصل مع تلك الأرواح.قررنا استخدام الطقوس الموجودة في الكتاب. “إذا نجحنا، قد نكتشف من هي الروح وما الذي تريده”، قال عماد. شعرت أنني أتحمل مسؤولية أكبر من مجرد اكتشاف؛ كنت أريد أن أحرر الروح إذا كانت محتجزة. بدأنا الطقوس في ضوء الشموع الخافت، ومع كل كلمة نلفظها شعرت بشيء غير طبيعي يحدث. كان الهواء يزداد برودة والهمسات تتزايد حتى أصبحت صرخات.في تلك اللحظة، حدث شيء غريب. عبرت الظلال في الغرفة وكأنها تحاول الاقتراب منا. “أوقفوا! لا تتقدموا!” صرخت فاطمة، لكن الأوان كان قد فات. فجأة انطفأت الشموع وعمّ الظلام الغرفة. كانت لحظات من الفوضى والذعر، لكن وسط ذلك شعرت بوجود شيء ما يتقدم نحونا.عندما أضيئت الشموع مرة أخرى، رأينا شيئًا يقف في زاوية الغرفة. كان ظلًا كبيرًا، وجهه مغطى بالضباب وعيناه حمراوان تتوهجان في الظلام. “من أنتم؟” صرخنا جميعًا في نفس الوقت. “أنا تلك الروح المحبوسة”، جاء الصوت وكأن الهواء نفسه يتحدث. “تبحثون عن الحقيقة، لكنكم لا تعرفون العواقب.”في تلك اللحظة، أدركت أنني في عمق اللغز. لم أكن مجرد مكتشف، بل كنت أضع نفسي في خطر أكبر مما تخيلت. تلك الروح كانت مرتبطة بشكل ما بالمنزل وبالماضي المدفون تحت قدمي. “ماذا تريد؟” سألت الروح بشجاعة، بينما كان قلبي ينبض بشدة.أريد أن أتحرر، لكن ليس بدون ثمن”، أجابت الروح. “الذين خدموا المكان سلفًا مدينون لي بحياتهم. إذا كنت حقًا تريد مساعدتي، عليك أن تعرف قصة كل واحد منهم.” شعرت بالذعر، لكنني عرفت أنني لا أستطيع التراجع الآن. كانت القصة أكبر مما تخيلت، وكان لدي الآن مهمة لفهم كل روح محبوسة هنا.أعدك أن أفعل ما أستطيع”، قلت، “لكن كيف أبدأ؟”ابحث في القبو”، قالت الروح، “كل سر فيه يحمل جزءًا من القصة. ارجع إلى المكتبة وستجد كل ما تحتاجه.” وهكذا، انطلقت في رحلة جديدة للبحث عن تفاصيل تلك الأرواح وفهم ما كان يحدث في هذا المكان.القبو كان مليئًا بالأسرار، ومغامرتي كانت في بدايتها. في الأيام التالية، كنت أبحث بشغف في المكتبة القديمة، أفتش عن أي معلومات قد تساعدني في فهم الأرواح المحتجزة تحت منزلي. كانت عائلتي تشعر بالقلق، لكنني لم أستطع إخبارهم بالحقيقة. كان الخطر يزداد وضوحًا، والأسرار التي اكتشفتها في الكتب كانت تعمّق مخاوفي.في أحد الأيام، وجدت كتابًا قديمًا يعود إلى القرن التاسع عشر يحتوي على قصص الأشخاص الذين عاشوا في منطقتي. كل صفحة كانت تحتوي على تفاصيل مرعبة عن تجاربهم. عندما وصلت إلى قصة عن عائلة تُدعى الأحمدي، شعرت بشيء غريب. كانت العائلة قد اختفت تمامًا في ظروف غامضة. “ما الذي حدث لهم؟” تساءلت بصوت مرتفع.في تلك اللحظة، سمعت همسات خافتة تتردد في الهواء. كان الصوت قادمًا من القبو. قررت أن أذهب مرة أخرى، لكن هذه المرة لم أكن وحدي. دعوت أصدقائي للحضور ومساعدتي. عندما وصلوا، كانت الأجواء مشحونة بالتوتر. كنا نعرف أننا على وشك اكتشاف شيء كبير، لكننا لم ندرك مدى الظلام الذي سيواجهنا.عند دخولنا القبو، كان المكان مظلمًا وباردًا كما كان دائمًا. أضأنا الشموع وبدأنا نبحث عن أي أدلة. كان عماد هو من عثر على صندوق خشبي قديم مغلق بإحكام. “هذا يبدو مهمًا”، قال وهو يزيح الغبار عن الصندوق. “لنفتح”.بينما كنا نحاول فتحه، كانت همسات الأرواح تزداد قوة وكأنها تحذرنا مما سنكتشفه. عندما فتحنا الصندوق أخيرًا، وجدنا مجموعة من الرسائل القديمة وصورًا لعائلة الأحمدي. “هذه العائلة…” قالت سارة وهي تحمل صورة لأحد أفراد العائلة. “يبدو أن هذه هي العائلة التي اختفت. لكن ما الذي حدث لهم؟”بدأنا نقرأ الرسائل، وكانت تحتوي على تحذيرات من وجود كائن غامض يسكن تحت الأرض. في إحدى الرسائل، كتب أحد أفراد العائلة: “لا تدعوا أرواحًا غريبة تخرج من قبورها، قد تعود لتطاردنا جميعًا.” شعرت بالقلق، لكن الفضول كان يدفعني للاستمرار. يبدو أن هذه العائلة كانت تحاول اكتشاف حقيقة لم يكن من المفترض أن يعرفوها.هل يمكن أن يكون هذا هو السبب وراء اختفائهم؟” تساءل رفيق.ربما، لكننا نحتاج إلى المزيد من المعلومات”، أجبت.في تلك الليلة، قررنا إجراء جلسة استحضار أرواح باستخدام الطقوس التي وجدناها في الكتاب. كنا نعرف أن الأمر قد يكون خطيرًا، لكن لم يكن لدينا خيار. كانت الأرواح تطالب بأن تُسمع. عند بدء الجلسة، كانت الأجواء مشحونة بالتوتر. قلوبنا تنبض بشدة، وكنا نتبادل النظرات القلقة.بدأت سارة بقراءة الطقوس بصوت عالٍ، وكلما تحدثت، كانت الهمسات تزداد حولنا. فجأة، شعرت بهواء بارد يجتاح الغرفة. انطفأت الشموع مرة أخرى، وعندما عادت الأنوار، رأينا شكلاً غامضًا يقف أمامنا. كان ظلًا مظلمًا، وعيناه تتوهجان كالجمر، وصوته مليء بالقدرة والسلطة.من تجرؤون على استدعائه؟” سأل الكائن، صوته يشبه الصدى. “لماذا تحفرون في الماضي؟”كنا مرعوبين، لكن شعرت بشجاعة غريبة تدفعني للتحدث. “نحن نبحث عن الحقيقة. نريد أن نساعد الأرواح التي حبست هنا.”الحقيقة ليست كما تظنون!” رد الكائن. “لا تسألوا عما لا تستطيعون تحمله.في تلك اللحظة، أدركت أنني فتحت بابًا لا يمكن غلقه. الروح التي كنا نستدعيها لم تكن مجرد روح عادية؛ بل كانت مرتبطة بماضٍ مظلم وأسرار عائلة الأحمدي.إذا كنتم تريدون مساعدتي”، قال الكائن، “عليكم أن تجدوا عظام عائلة الأحمدي. هي الوحيدة التي يمكنها تحرير روحي.”كان الأمر يبدو مستحيلاً، لكن لم يكن لدينا خيار آخر. “أين يمكننا العثور عليها؟” سألت، بينما عيناي تركّزان على الظل.في المكان الذي تُركت فيه، تحت سلالم القبر”، أجاب. “لكن تذكروا، هناك ثمن لكل ما تفعلونه.”تبادلت النظرات مع أصدقائي. كنا نعلم أننا على وشك الدخول في رحلة مرعبة، وأن مغامرتنا هذه قد تكشف لنا أشياء تفوق خيالنا.بعد تلك الليلة، لم أستطع النوم مطلقًا. كانت الأصوات والهمسات تتردد في رأسي، كأنها تناديني للعودة إلى القبو. لكنني كنت أعرف أن الخطوة التالية ستغير كل شيء. في اليوم التالي، خططنا لاستكشاف المنطقة تحت السلالم، حيث دفنت أسرار الماضي. لم يكن لدينا أدنى فكرة عن حجم الظلام الذي ينتظرنا هناك.بدأنا نفك شفرة الرسالة بحذر. كانت مكتوبة بلغة قديمة، لكن الكلمات كانت تفيض بطاقة غامضة وكأنها تنبض بالحياة. بمساعدة الكتاب القديم، تمكنا من ترجمة محتواها:إلى من يكتشف هذا، اعلم أن ما تحت هذه الأرض ليس مجرد أرواحٍ عالقة، بل باب لعالمٍ لا يمكن إغلاقه بمجرد فتحه. الأرواح التي تستحضرها لن تعود إلى الظلام بسهولة. إن أردت النجاة، عليك أن تفهم السبب وراء غضبها وتقديم الكفارة التي تطلبها.”شعرنا بارتجاف داخلي عميق؛ لم يكن أمامنا إلا العودة إلى الكتاب لفهم معنى “الكفارة”. قلبنا الصفحات بجنون حتى وجدنا قسمًا بعنوان “طقوس المصالحة”. كانت الطقوس معقدة وخطيرة، تتطلب تقديم شيء شخصي للغاية، رمزًا للتضحية.علينا أن نحاول تنفيذ هذا الطقس، وإلا لن نعرف السلام أبدًا”، قلت بحزم، رغم أن الخوف كان واضحًا في صوتي.-.
“لقد فهمتم أخيرًا. هذا ليس فقط انتقامًا؛ إنه خلاص.”بدأت الظلال تتلاشى تدريجيًا، وأصبحت الغرفة أكثر إشراقًا، وكأن النور عاد إلى المكان. لكن قبل أن تختفي الروح بالكامل، أضافت بصوت خافت:
“لقد أنهيتم دوري هنا، لكن الباب الذي فتحتموه سيظل يطاردكم.”صعدنا إلى السطح ونحن نعتقد أن الأمور قد انتهت أخيرًا. لكن عميقًا في قلوبنا، كنا نعلم أن اللعنة لم تنتهِ تمامًا. كل واحد منا عاد إلى منزله تلك الليلة، ونحن نحاول أن نعيش حياتنا بشكل طبيعي...
.
A cemetery under my house opens a gateway to another world.
