تجارب مرعبة

ظلال نجران بين الذهب والجن

بقلم: ابن الصحراء

تدور القصة في عام 2016 في قرية جنوب منطقة نجران، اشتهرت بأنها تحتوي على كنوز مدفونة في باطن الأرض. للعلم، القرية مهجورة منذ سنوات طويلة، ومنازلها شبه مدمرة ومرعبة. وكان الناس يخشون دخولها بسبب سمعتها، إذ كانوا يقولون إنها مسكونة بالجن.

في أحد الأيام، كان هناك شقيقان، أحمد وعبد العزيز. عبد العزيز كان دائم متابعة مقاطع الفيديو على اليوتيوب ومواقع التواصل الاجتماعي عن أشخاص يبحثون عن الكنوز ويجدونها بالفعل. بدأ عبد العزيز يقنع أخاه أحمد بالذهاب معًا لاستخراج الكنز من تلك القرية، وقال له إنه يريد تحسين وضعهما المالي وشراء بيوت وسيارات. وأضاف: “أعرف شخصًا يبيع جهازًا يكشف الكنوز، وبمجرد استخدامه يصدر صوتًا يدل على وجود معدن تحت الأرض. سنحفر ونجد الكنز إن شاء الله”.

استجاب أحمد، إذ أغرته فكرة المال والكنوز، وفعلاً اشتروا الجهاز وتوجهوا إلى القرية المهجورة جنوب نجران. وصلوا بعد العصر، نصبوا الخيمة وأشعلوا النار، وأخذوا معدات الحفر والجهاز معهم. بدأوا البحث في الوادي مستخدمين الجهاز، محادثين بعضهما عن فرحة العثور على الكنز وكيف سيغير حياتهم.

فجأة، أصدر الجهاز صوتًا، فابتسم الشقيقان وشعروا بالأمل. بدأوا الحفر، لكن بعد نصف متر تقريبًا، وجدوا معدنًا من الحديد لا قيمة له، فشعروا بالإحباط. قال عبد العزيز: “لا بأس، لنواصل البحث، الخير قادم إن شاء الله، فقط تحلَّ بالصبر”.

بعد قليل، ابتعد عبد العزيز عن أحمد لقضاء حاجته، ثم سمع أحمد صرخاته: “يا أحمد، الحقني!” وكان صوت عبد العزيز مرعوبًا، وكأنه يدافع عن نفسه، رغم عدم وجود أحد حوله. هرع أحمد نحو أخيه فوجد دمًا يسيل من أنفه ووجهه، ولاحظ شيئًا يشبه الظل يتحرك بعيدًا عنه. ركض عبد العزيز نحو أحد المنازل المهجورة، وقال إنه عندما اقترب منه شيء غريب، ضربه وركض داخل المنزل، بينما أمسك أحمد بكشافه وتبع أثره.

دخل أحمد المنزل المظلم، ورأى رجلاً أسود البشرة وضخمًا يحدق فيه وكأنّه يريد الهجوم، فأخذ عبد العزيز وهربا نحو السيارة، لكنهما شاهدا رجلاً ذو عيون زرقاء وبشرة داكنة يمشي باتجاه الخرابة. من الخوف، ركبا السيارة وركضا بسرعة قصوى، وسمعا صوت طرق على السيارة من الخلف، وظل عبد العزيز يتألم من الأذى الذي أصابه.

عند وصولهما للبيت، فتح أحمد باب السيارة وساعد أخاه عبد العزيز، الذي كان مرتجفًا فاقدًا لوعي جزئي ونازفًا من أنفه. هرع والد أحمد وعبد العزيز إليه، وقرأ عليه آيات قرآنية بصوت عالٍ حتى استعاد وعيه، مع ملاحظة نزيفه من الأنف والفم.

بعد ذلك، عادت حياتهم طبيعية، لكن عبد العزيز شعر بحرارة شديدة في الليل رغم برودة الشتاء، وكأنه أحد يتنفس في وجهه. أفاق أحمد من نومه ليجد أخاه يتحدث عن رؤى مخيفة للجن يريد قتله، فطمأنه بأنه لن يحدث إلا ما كتبه الله.

في الصباح، أخبر عبد العزيز والده بما حدث، فأخذ الوالد يهدئهما ويؤكد ضرورة الالتزام بالصلاة والعبادة وعدم الخوف من الجن. جلب الأب شيخًا للقراءة على عبد العزيز، فأخبره الشيخ أن عبد العزيز أصابه مسّ من الجن، وأعطاه زيت المسك للدهان يوميًا وبخور المسك لتطهير المكان، وبفضل الله تعافى عبد العزيز تمامًا.

ومنذ ذلك الوقت، تعلم الشقيقان أن الصحة والعافية أفضل من كنوز الدنيا، وأن تجربة البحث عن الكنز كانت صعبة ومرعبة للغاية، وأن الله وحده حافظهم من المسّ والضرر

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

تحقق أيضا
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى
ممنوع نسخ النصوص!
arArabic

أنت تستخدم إضافة Adblock

الرجاء اغلاق حاجب الاعلانات